الجمعة، 8 فبراير 2013

مظلومية الزهراء (عليها السلام) في اكبر مصادر أهل السنة والجماعة


مظلومية الزهراء (عليها السلام)


في اكبر مصادر أهل السنة والجماعة



إن مذهباً يثبت نفسه من كتب خصمه أحق أن يتبع ، وإن مذهبا يحتج عليه بما في كتبه فيلجأ للتأويل والتحوير أحق أن يتجنب عنه )



الإهداء


إلى سيدتي وسيدة نساء العالمين ..


مولاتي البتول الطاهرة ( فاطمة ) عليها صلوات ربي ..


أهدي هذا الجهد المتواضع راجيةً من الله تعالى أن أكون قد وفقت في إثبات مظلوميتها ( عليها السلام ) لكل من يبحث عن الحق والحقيقة .




المقدمة


تلك هي الحوراء الصديقة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ريحانة النبوة ، ومثال العصمة ، وهالة النور المشعة ، وبقية الرسول بين المسلمين - في طريقها إلى المسجد - وقد خسر ت أبوة في أزهى الابوات في تاريخ الأنسان ، وأفيضها حنانا ، وأكثرها إشفاقا ، وأوفرها بركة . وهذه كارثة من شأنها أن تذيق المصاب بها مرارة الموت أو أن تظهر له الموت حلو اشهيا ، وأملا نيرا .


وهكذا كانت الزهراء حينما لحق أبوها بالرفيق الأعلى ، وطارت روحه الفرد إلى جنان ربها راضية مرضية . ثم لم تقف الحوادث المرة عند هذا الحد الرهيب ، بل عرضت الزهراء لخطب آخر قد لا يقل تأثيرا في نفسها الطهور ، وإيقادا لحزنها ، وإذ كاء لأساها عن الفاجعة الاولى كثيرا وهو خسارة المجد الذي سجلته السماء لبيت النبوة على طول التاريخ ، وأعني بهذا المجد العظيم سيادة الامة وزعامتها الكبرى ، فقد كان من تشريعات السماء أن يسوس آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم امته وشيعته ، لأنهم مشتقاته ومصغراته ، وإذا بالتقدير المعاكس يصرف مراكز الزعامة عن أهلها ، ومناصب الحكم عن أصحابها ، وأخلد الرئاسات والزعامات بين عشية وضحاها ، فبعثها نفسها المطوقة بآفاق من الحزن والأسف إلى المعركة ومجالاتها ، ومباشرة الثورة والأستمرار عليها .


الحقيقة التي لا شك فيها


الحقيقة التي لا شك فيها في مظلومية فاطمة سلام الله عليها ومطالبتها هي بنفسها بحقوقها هي أن أحدا ممن يوافقها على مبدئها ونهضتها لم يكن ليمكنه أن يقف موقفها ، ويستبسل استبسالها في الجهاد إلا وأن يكون أكلة باردة ، وطعمة رخيصة للسلطات الحاكمة التي كانت قد بلغت يوم ذاك أوج الضغط والشدة .


فعلى الأشارة عتاب ، وعلى القول حساب ، وعلى الفعل عقاب ، فلم يكن ليختلف عما نصطلح عليه اليوم بالأحكام العرفية ، وهو أمر ضروري للسلطات يومئذ في سبيل تدعين أساسها ، وتثبيت بنيانها (1)



أما إذا كان القائم المدافع بنت محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبضعته (2) ، وصورته الناضرة ، فهي محفوظة لا خوف عليها بلا شك ، باعتبار هذه النبوة المقدسة ، ولما للمرأة في الإسلام عموما من حرمات وخصائص تمنعها وتحميها من الأذى .


(1) راجع : أخبار السقيفة في تاريخ الطبري 2 : 244 طبعة دار الكتب العلمية - بيروت ، وما دار فيها ، ومن ذلك قول الخليفة الثاني : ( اقتلوا سعد بن عبادة) 


)جاء في الحديث الصحيح : ( فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني(2) 


راجع : التاج الجامع للأصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم 3 : 353 عن البخاري ومسلم وغير هما ،


صحيح البخاري - باب فضائل الصحابة 5 : 83 باب 43 حديث رقم 232 طبعة دار القلم - بيروت ،


صحيح مسلم 4 : 1902 حديث رقم 2493 باب فضائل الصحابة - فضائل فاطمة عليها السلام .


قصة فدك


قال ياقوت الحموي في كتابه ( معجم البلدان )عن فدك :


فدك ، قرية بالحجاز ، بينها وبين المدينة يومان ، وقيل ثلاثة ، أفاءها الله تعالى على رسوله في سنة سبع صلحاً ، وذلك ان النبي لما نزل خيبر وفتح حصونها ولم يبق الا الثلث ، واشتد بهم الحصار راسلوا رسل الله يسألونه ان يُنزلهم الجلاء وفعل ، وبلغ ذلك اهل فدك فأرسلوا الى رسول الله ان يصالحهم على النصف من ثمارها وأموالهم فأجابهم الى ذلك .


فهي مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب ، فكانت خالصة لرسول الله ، وفيها عين فوارة ونخيل كثيرة ، وهي التي قالت فاطمة ان رسول الله نحلنيها ، فقال ابو بكر اريد لذلك شهوداً ، ولها قصة (1)


وقال ابن كثير : قال الحافظ ابو بكر البزار حدثنا عباد بن يعقوب التيمي ، حدثنا فضيل بن مرزوق ، عن عطية ، عن ابي سعيد قال : لما نزلت ( وآت ذا القربى حقه )... (2)دعا رسول الله فاطمة فأعطاها فدك (3).


..........................................


(1) معجم البلدان ، الحموي :4/ 238


(2) سورة الأسراء : 3926


(3) تفسير القرآن العظيم : ابن كثير : 3/ 39




اغتصاب ارض فدك من الزهراء ( عليها السلام )


يذكر التأريخ بأن القوم قد اغتصبوا فدكاً من فاطمة الزهراء ( عليها السلام) بعد وفاة أبيها الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهي حادثة مذكورة في كتب الفريقين .


فقد وردت روايات متعددة من كتب اهل السنة في ظلامة فدك ، فقد أورد الهيثمي في مجمع الزوائد ج 9 ص 49 وفي فتوح البلدان ص42 ، وابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغة ، ج16 ص 284 ، والبيهقي في السنن الكبرى ج6 ص 301 ، وعمر رضا كحالة في اعلام النساء ج4 ص 116 وغيرهم ، و صاحب السيرة الحلبية ج3 ص 362. 


كما ذكر الطبراني بسنده عن عمر قال : لما قبض رسول الله جئت انا وابو بكر الى علي فقلنا : ما تقول فيما ترك رسول الله ؟


قال : نحن أحق الناس برسول الله وبما ترك .


قال : فقلت : والذي بخيبر ؟


قال : والذي بخيبر .


قلت : والذي بفدك ؟


قال : والذي بفدك .


فقلت : اما والله حتى تحزوا رقابنا بالمناشير فلا !! (1)


وعن عائشة ان فاطمة (عليها السلام ) سألت ابابكر بعد وفاة رسول الله ( صلى الله عليه وآله )ان يقسم لها ميراثها مما ترك رسول الله مما افاء الله عليه ، فقال لها ابو بكر : ان رسول الله قال : لا نورث ، ما تركناه صدقة ، فغضبت فاطمة بنت رسول الله فهجرت ابا بكر ، فلم تزل مهاجرته حتى توفيت ، وعاشت بعد رسول الله ستة اشهر .


قالت : وكانت فاطمة تسأل ابا بكر نصيبها مما ترك رسول الله من خيبر وفدك وصدقته بالمدينة ، فأبى ابوبكر عليها ذلك (2)


والعجيب في الأمر ان ابا بكر يوصي ابنته عاشة ان تدفنه في حجرتها في بيت رسول الله صلى الله عليه وآله (3) رغم انه ادعى ان رسول الله لا يورث ، فكيف ورث الرسول الحجرة لعائشة ولم يورث فدك لابنته ؟!!!


(1) المعجم الأوسط ، الطبراني 6/126- 153 ح 5335 ، مجمع الزوائد ، الهيثمي : 9 / 39 – 40 فيما تركه ( صلى الله عليه وآله ) .


(2) صحيح البخاري : 4 / 96 ، ك فرض الخمس ، الطبقات الكبرى ، ابن سعد : 2/ 315 و 8 /28 ، مسند احمد : 1/6 .


(3) تاريخ الطبري 349 : 3


قصة السقيفة وهجوم القوم على الدار


وذلك عندما قادوا علياً عليه السلام في يوم سقيفة بني ساعدة للبيعة فخرجت نفسي لها الفداء تجر أذيالها خلف ابن عمها وهي تقول خلو ابن عمي أو لاكشفن رأسي للدعاء ، حيث يقول سلمان « فخرجت فاطمة عليها السلام فقالت : يا أبا بكر أتريد أن ترملني من زوجي ـ والله ـ لئن لم تكف عنه لأنشرن شعري ولأشقن جيبي ، ولآتين قبر أبي ، ولأصيحن الى ربي : فأخذت بيد الحسن والحسين عليهما السلام ، وخرجت تريد قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال علي عليه السلام لسلمان : أدرك أبنة محمد صلى الله عليه وآله وسلم فإني أرى جنبتي المدينة تكفيان ، والله ان نشرت شعرها ، وشقت جيبها ، وأتت قبر أبيها ، وصاحت الى ربها لا يناظر بالمدينة أن يخسف بها ( وبمن فيها ) ، فادركها سلمان رضي الله عنه فقال ، يا بنت محمد ، أن الله بعث أباك رحمة فارجعي فقال : يا سلمان ، يريدون قتل علي ، ما على عليَّ صبر ، فدعني حتى آتي أبي فأنشر شعري ، وأشق جيبي ، وأصبح إلى ربي ، فقال سلمان أني أخاف ان تخسف بالمدينة ، وعلي عليه السلام بعثني إليك ويأمرك ان ترجعي الى بيتك وتنصر في. فقالت : إذا أرجع وأصبر ، وأسمع له وأطيع »(1 )


، وهكذا تظافرت الروايات الكثيرة في إثبات هذه المأساة للزهراء من بعد أبيها ، أما من الذي يظلمها حقها ؟ فهذا ما ترويه قصة سقيفة بني ساعدة وإليك ما جرى في تلك الواقعة الأليمة لأهل بيت النبوة والتي كانت مفتاح الظلم الذي سنه الخليفة الأول والثاني على أهل البيت عليهم السلام . 


عن عبدالله بن عبد الرحمان قال : ثم إن عمر احتزم بإزاره وجعل يطوف بالمدينة وينادي : ألا إن أبا بكر قد بويع له فهلموا إلى البيعة ، فينثال الناس يبايعون ، فعرف أن جماعة في بيوت مسترون ، فكان يقصدهم في جمع كثير ويكبسهم ويحضرهم المسجد فيبايعون ، حتى إذا مضت أيام أقبل في جمع كثير إلى منزل علي عليه السلام فطالبه بالخروج فأبى ، فدعا عمر بحطب ونار وقال : والذي نفس عمر بيده ليخرجنّ ، أو لأحرقنّه على ما فيه . 


فقيل له : إنّ فاطمة بنت رسول الله ،وولد رسول الله ، وآثار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيه ؛ وانكر الناس ذلك من قوله ، فلما عرف إنكارهم قال : ما بالكم أتروني فعلت ذلك ؟


__________


الدمعة الساكبة : 69 ، كامل الزيارات : 332 ، البحار : 28 | 61(1)


.............................................


إنما أردت التهويل ؛ قال : وخرجت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إليهم فوقفت خلف الباب ثم قالت : « لا عهد لي بقوم أسوأ محضراً منكم ، تركتم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جنازةً بين أيدينا وقطعتم أمركم فيما بينكم ، ولم تؤمّرونا ، ولم تروا لنا حقّاً ، كأنّكم لم تعلموا ما قال يوم غدير خم ؛ والله ، لقد عقد له يؤمئذ الولاء ليقطع منكم بذلك منها الرجاء ولكنكم قطعتم الأسباب بينكم وبين نبيّكم ، والله حسيب بيننا وبينكم في الدنيا والآخرة (1 )


عن سلمان الفارسي رضى الله عنه أنه قال : وكان علي بن أبي طالب عليه السلام لما رأى خذلان الناس له ، وتركهم نصرته ، واجتماع كلمة الناس منع أبي بكر ، طاعتهم له ، وتعظيمهم له ، جلس في بيته ؛ فقال عمر لأبي بكر : ما يمنعك أن تبعث إليه فيبايع ، فإنّه لم يبق أحد إلا وقد بايع ، غيره وغير هؤلاء الأربعة معه ؛ وكان أبو بكر أرقّ الرجلين ، وارفقهما ، وادهاهما ، وأبعدهما غوراً ؛ والآخر أفظّهما وأغلظهما ، وأخشنهما ، وأجفاهما ، فقال : من نرسل إليه ؟


فقال عمر : أرسل إليه قنفذاً ـ وكان رجلاً فظّاً غليظا جافياً من الطلقاء ، أحد بني تيم ـ فأرسله وأرسل معه أعواناً ، فانطلق فاستأذن ، فأبي عليّ عليه السلام أن يأذن له . 


فرجع أصحاب قنفذ إلى بي بكر وعمر ، وهما في المسجد والناس حولهما فقالوا : لم يأذن لنا ، فقال عمر : هو إن أذن لكم وإلا فادخلوا عليه بغير إذنه . 


فانظلقوا ، فاستأذنوا ، فقالت فاطمة عليها السلام : أخرّج عليكم أن تدخلوا بيتي بغير إذنٍ ؛ فرجعوا ، فثبت قنفذ ، فقالوا : إنّ فاطمة قالت : كذا وكذا ، فحرجتنا أن ندخل عليه البيت بغير إذن منها ، فغضب عمر ، وقال : ما لنا وللنساء ؛ ثم أمر أناساً حوله ، فحملوا حطباً وحمل معهم فجعلوه حول منزله ، وفيه علي وفاطمة وابناهما عليهم السلام ، ثم نادى عمر حتى اسمع علياً : والله لتخرجنّ ولتبايعنّ خليفة رسول الله ، أو لأضر منّ عليك بيتك ناراً ، ثم رجع فقعد إلى أبي بكر ، وهو يخاف أن يخرج علي بسيفه ، لما قد عرف من بأسه وشدّته . 


____________


الاحتجاج : 1 | 105 ، الإمامة والسياسة : 12 ، بلاغات النساء : 4 | 114 (1)


--------------------------------------------------------------------------



ثم قال لقنفذ : إن خرج وإلاّ فاقتحم عليه ، فإن امتنع فاضرم عليهم بيتهم ناراً : فانطلق قنفذ ، فاقتحم هو وأصحابه بغير إذن ، وبادر علي إلى سفيه ليأخذه ، فسبقوه إليه فتناول بعض سيوفهم فكثّروا عليه فضبطوه ، وألقوا في عنقه حبلاً أسود ؛ وحالت فاطمة عليها السلام بين زوجها وبينهم عند باب البيت ، فضربها قنفذ بالسوط على عضدها ، فبقي أثره في عضدها من ذلك مثل الدملج من ضرب قنفذ إيّاها ؛ فأرسل أبو بكر إلى قنفذ : اضربها ؛ فالجأها إلى عضادة باب بيتها ، فدفعها فكسر ضلعاً من جنبها ، وألقت جنيناً من بطنها ، فلم تزل صاحبة فراش حتى ماتت من ذلك شهيدة صلوات الله عليها (1)


وفي كتاب سليم بن قيس ، في حديث طويل ، قال : فلما كان الليل حمل علي فاطمة عليهما السلام على حمار وأخذ بيدي إبنيه الحسن والحسين عليهما السلام فلم يدع أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا أتاه في منزله ، فناشدهم الله حقه ودعاهم إلى نصرته ، فما استجاب منهم رجل غبرنا الأربعة ، فإنّا حلقنا رؤوسنا ، وبذلنا له نصرتنا ، وكان الزبير أشدّنا بصيرة في نصرته ؛ فلما رأى علي عليه السلام خذلان الناس إيّاه وتركهم نصرته ، واجتماع كلمتهم مع أبي بكر ، وطاعتهم له ، وتعظيمهم إياه لزم بيته ، فقال عمر لأبي بكر : ما يمنعك أن تبعث إليه فيبايع ، فإنه لم يبق أحد إلا وقد بايع ، غيره وغير هؤلاء الاربعة ، وكان أبو بكر أرقّ الرجلين وأرفقهما وآدهاهما وأبعدهما غوراً ، والآخر أفظّهما وأغلظهما وأجفاهما ؛ فقال [ له ] أبوبكر : من نرسل إليه ؟


فقال عمر : نرسل إليه قنفذاً ، وهو رجل فظّ غليظ جافّ من الطلقاء ، أحد بني عديّ بن كعب ، فأرسله إليه ، وأرسل معه أعواناً ، فانطلق فاستأذن على علي عليه السلام ، فأبى أن يأذن لهم . 


فرجع أصحاب قنفذ إلى أبي بكر وعمر ، وهما جالسان في المسجد والناس حولهما ، فقالوا : لم يؤذن لنا ؛ فقال عمر : اذهبوا فإن أذن لكم ، وإلاّ فادخلوا [ عليه ] بغير إذن !! 


فانطلقوا فاستأذنوا ؛ فقالت فاطمة عليها السلام : أحرّج عليكم أن تدخلوا على بيتي بغير

____________

1 | 106 الاحتجاج عن سليم بن قيس الهلالي (1)


.................................................. ......................


إذن ، فرجعوا ، وثبت قنفذ الملعون ، فقالوا : إنّ فاطمة قالت : كذا وكذا ، فتحرّجنا أن ندخل بيتها بغير إذن ، فغضب عمر ، وقال : ما لنا وللنساء !! ثم أمر اناساً حوله أن يحملوا الحطب ؛ فحملوا الحطب ، وحمل معهم عمر فجعلوه حول منزل علي وفاطمة وابناها عليهم السلام ثم نادى عمر ـ حتى اسمع علياً وفاطمة عليهما السلام : ـ والله ـ لتخرجنّ يا علي ولتبايعنّ خليفة رسول الله ، وإلا أضرمت عليك [ بيتك ] النار . 


فقالت فاطمة عليها السلام : يا عمر ، ما لنا ولك ؟


فقال : افتحي الباب ، وإلاّ أحرقنا عليكم بيتكم ؛


فقالت : يا عمر ،أما تتقي الله تدخل علي بيتي ؟ فأبى أن ينصرف ، ودعا عمر بالنار فأضرمها في الباب ، ثم دفعه فدخل ، فاستقبلته فاطمة عليها السلام وصاحت : يا أبتاه ، يا رسول الله فرفع عمر السيف ـ وهو في عمده ـ فوجأ به جنبها ، فصرخت يا أبتاه ! فرفع السوط فضرب به ذراعها ... (1)


وروي عن زيد بن أسلم أنه قال : كنت ممّن حمل الحطب مع عمر إلى باب فاطمة حين امتنع علي وأصحابه عن البيعة ، فقال عمر لفاطمة : أخرجي من في البيت وإلا أحرقته ومن فيه ، قال : وفي البيت علي وفاطمة والحسن والحسين وجماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم .


فقالت فاطمة : أتحرق علياً وولدي ؟ قال : إي ـ والله ـ أو ليخرجنّ وليبايعنّ (2)


وروي عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبيه ، عن جدّه : ما أتى عليّ يوم قطّ أعظم من يومين أتيا عليّ : فأمّا اليوم الأول : فيوم قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : وأمّا اليوم الثاني : فوالله إنّي لجالس في سقيفة بني ساعدة عن يمين أبي بكر والناس يبايعونه ، إذ قال له عمر : يا هذا ، ليس في يديك شيء مهما لم يبايعك عليّ ؛ فابعث إليه حتى يأتيك يبايعك ، فإنّما هؤلاء رعاع . 


فبعث إليه قنفذ ، فقال له : اذهب فقل لعليّ : أجب خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فذهب قنفذ فما لبث أن رجع ، فقال لأبي بكر : قال لك : ما خلّف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحداً غيري .


قال : ارجع إليه فقل : أجب فإنّ الناس قد أجمعوا على بيعتهم إيّاه ، وهؤلاء المهاجرين والأنصار يبايعونه وقريش ، وإنما أنت رجل من المسلمين ، لك ما لهم ، وعليك ما عليهم ؛ فذهب إليه قنفذ فما لبث أن رجع ، فقال : قال لك : إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لي وأوصاني أن ـ إذا واريته في حفرته ـ لا أخرج من بيتي حتى اؤلّف كتاب الله ، فإنّه في جرائد النخل ، وفي أكتاف الإبل ، قال عمر : قوموا بنا إليه .


فقام أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وخالد بن الوليد ، والمغيرة بن شعبة ، وأبو عبيدة بن الجرّاح ، وسالم مولى أبي حذيفة ، وقنفذ ، وقمت معهم .


فلمّا انتهينا إلى الباب فرأتهم فاطمة ( صلوات الله عليها ) أغلقت الباب في وجوههم ، وهي لا تشكّ أن لا يدخل عليها إلا باذنها ، فضرب عمر الباب برجله فكسره ـ وكان من سعف ـ ثم دخلوا فأخرجوا عليّاً عليه السلام ملبّباً


فخرجت فاطمة عليها السلام فقالت : يا أبابكر ، أتريد أن ترمّلني من زوجي ـ والله ـ لئن لم تكفّ عنه لأنشرنّ شعري ولأشقّنّ جيبي ، ولآتينّ قبر أبي ، ولأصيحنّ إلى ربّي ؛


فأخذت بيد الحسن والحسين عليهما السلام فإنّي أرى جنبتي المدينة تكفيان ؛ والله إن نشرت شعرها ، وشقّت جيبها ، وأتت قبر أبيها ، وصاحت إلى ربّها لا يناظر بالمدينة أن يخسف بها [ وبمن فيها ] ، فأدركها سلمان رضى الله عنه ، فقال : 


يا بنت محمد ، إنّ الله إنّما بعث أباك رحمة ، فارجعي .


فقالت : يا سلمان ، يريدون قتل عليّ ، ما على عليّ صبر ، فدعني حتى آتي قبر أبي فأنشر شعري ، وأشقّ جيبي ، وأصيح إلى ربّي ، فقال سلمان : إنّي أخاف أن تخسف بالمدينة ، وعليّ عليه السلام بعثني إليك ، ويأمرك أن ترجعي إلى بيتك ، وتنصرفي .


.فقالت : إذاً أرجع ، وأصبر ، وأسمع وأطيع


قال : فأخرجوه من منزله ملّبا ، ومرّوا به على قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : فسمعته يقول :


يـ ( ابن أمّ إنّ القوم استضعفوني ) ( 3) إلى آخر الآية


وجلس أبو بكر في في سقيفة بني ساعدة ، وقدم عليّ ، فقال له عمر : بايع


فقال له عليّ عليه السلام : فإن أنا لم أفعل ، فمه ؟ فقال له عمر : إذاً أضرب والله عنقك .


فقال له عليّ عليه السلام : إذاً ـ والله ـ أكون عبدالله المقتول ، وأخا رسول الله ؛


فقال عمر : أمّا عبدالله المقتول فنعم ، وأمّا أخو رسول الله فلا ـ حتّى قالها ثلاثاً ـ


فبلغ ذلك العباس بن عبد المطّلب فأقبل مسرعاً يهرول ، فسمعته يقول : 


ارفقوا بابن أخي ، ولكم عليّ ان يبايعكم ، فأقبل العبّاس وأخذ بيد عليّ ، فمسحها على يد أبي بكر ، ثم خلّوه مغضباً ، فسمعته يقول ـ ورفع رأسه إلى السماء ـ : 


اللهمّ إنّك تعلم أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قد قال لي : إن تمّوا عشرين فجاهدهم ، وهو قولك في كتابك ( إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مأتين )( 4)


قال : وسمعته يقول : اللهمّ وإنّهم لم يتمّوا عشرين ـ حتّى قالها ثلاثاً ـ ثم انصرف(5)


(1) كتاب سليم بن قيس : 3 | 583 


(2) نهج الحق وكشف الصدق : 271


(3) الأعراف : 150 . 


(4) الأنفال : 65 . 


(5) تفسير العياشي : 2 | 66 ح 76 ، البرهان : 2 | 93 ح 4 ، الاختصاص : 181



غضب فاطمة .. ماذا يعني ؟ !


جاء في صحيح البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله ( فاطمة بضعة مني ، من أغضبها أغضبني )


وتدل الروايات على ان فاطمة ( عليها السلام ) ماتت وهي غاضبة على ابي بكر وعمر .. فماذا يعني هذا ؟


وحسب ما جاء في صحيح البخاري في الرواية السابقة يكون الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد غضب عليهما لغضب ابنته ولم يغفر لهما لأنها ماتت وهي غير غافرة لهما فعلتهما بل فعالهما !


فغصب حق زوجها في الخلافة ثم غصبها حقها في فدك ثم هجومهما على بيتها وحرق الباب وكسر الضلع وإسقاط الجنين ، كل هذه الأمور والفعال الشنيعة جعلت من صدر الزهراء روحي فداها عبارة عن بيتٍ للأحزان ومأوى للآلام والمآسي حتى التحقت بالرفيق الأعلى شاكيةً همها وحزنها الى الله تعالى فهو الحكم بينها وبين من سلبها حقها وكسر ضلعها وقتل فلذة كبدها .


الروايات التي تؤكد غضب الزهراء ( عليها السلام )


يقول البخاري في صحيحه ج 4 ص 96 :


فغضبت فاطمة بنت رسول الله فهجرت ابا بكر فلم تزل مهاجرته حتى توفيت .


ويصرح البخاري في صحيحه ايضاً بغضب الزهراء بنت رسول الله على الأول بقوله :


فأبى ابو بكر ان يدفع الى فاطمة منها شيئاً ، فوجدت ( اي غضبت ) فاطمة على ابي بكر في ذلك ، فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت ، وعاشت بعد النبي ستة اشهر ، فلما توفيت دفنها زوجها علي ليلاً ، ولم يؤذن با ابا بكر وصلى عليها ( صحيح البخاري – ج5 ، ص 177 )



وعن ابي هريرة ان فاطمة جاءت ابا بكر وعمر تسأل ميراثها من رسول الله ، فقالا : سمعنا رسول الله يقول : اني لا اورث .


قالت : والله لا اكلمكما ابداً .


فماتت ولا تكلمهما ( سنن الترمذي : 4/ 157 – 158 ح 1609 )



مصادر ما جرى على الصديقة الزهراء ( ع ) من كتب أهل السنة والجماعة


أمّا مصادر ما جرى على الصديقة فاطمة عليها السلام من الظلامات من كتب أهل السنة والجماعة ، فهي كما وردت في كتاب الأسرار الفاطمية كالتالي:


1 ـ تاريخ اليعقوبي : 2 | 116 . 


3 ـ الإمامة والسياسة : 1 | 19 ، 20 . 


5 ـ الملل والنحل للشهرستاني : 1 | 57 . 


7 ـ الوافي بالوفيّات : 5 | 347 . 


9 ـ تاريخ أبو الفداء : 1 | 164 . 


11 ـ أعلام النساء : 4 | 114 . 


13 ـ قرّة العين للدهلوي : 78 . 


15 ـ ابن خيزران في غرره : 271 . 


2 ـ العقد الفريد : 4 | 259 ، 5 | 13 . 


4 ـ لسان الميزان : 1 | 268 ، 4 | 189 . 


6 ـ انساب الأشراف : 1 | 586 . 


8 ـ الكنى والألقاب : 3 | 219 . 


10 ـ تاريخ الطبري : 3 | 202 . 


12 ـ إثبات الوصيّة : 123 . 


14 ـ السيرة الحلبيّة : 3 | 362 . 


16 ـ تلخيص الشافي : 3 | 76 . 


17 ـ صحيح البخاري : 4 | 96 ، 5 | 177 . 


18 ـ شرح نهج البلاغة : 2 | 45 و46 و 50 و 56 ، 6 | 10 ، 11 | 113 ، 14 | 193 .


الخاتمة


لقد تفجّرت قرائح شعراء أهل البيت عليهم السلام من خبر المسمار وآلمهم المصاب الجلل ، على مصيبة الزهراء عليها السلام عامّة ، وفي خبر المسمار خاصّة ، وظلّ خبر المسمار الدامي الذي نبت في صدر الزهراء البتول تتذاكره الشيعة جيلاً بعد جيل فبقيت ناراً في قلوبهم لا ينطفىء أوارها إلى يوم القيامة ومن الفقهاء العظام الذين ذكروا خبر المسمار والذين بشعرهم سنختم بحثنا المتواضع هذا سائلين الله القبول ..


السيد صدرالدين الصدر رحمه الله المتوفى سنة 1373 هـ ق حيث قال ضمن قصيدته 


مـن سعى في ظلمها مـن راعـها * من عـلى فـاطمة الزهـراء جـارا


من غدا ظـلماً عـلى الدار التـي * اتـخذتها الإنــس والجنّ مـزارا


طـالما الأمـلاك فـيها أصـبحت * تـلثم الأعــتاب فـيها والجـدارا


ومـن النـار بـها يـنجو الورى * مـن عـلى أعـتابها أضـرم نـارا


والنـبيّ المـصطفى كـم جـاءها * يطلب الإذن مـن الزهـراء مـرارا


وعـــليها هــجم القــوم ولم * تـك لاذت لا وعـــلياها الخـمارا


لست أنســاها ويـا لهـفي لهـا * إذ وراء البــاب لاذت كـي تـوارا


فـتك الرجس عــلى البـاب ولا * تسألن عــمّا جـرى ثـم وصـارا


لا تسلني كـيف رضّـوا ضـلعها * واسألنّ البــاب عـنها والجــدارا


وسألـن لؤلؤ قـــرطيها لمــا * انتثرت والعــين لم تشكو إحمـرارا


وهـل المسـمار مــوتور لهـا * فغدا فـي صــدرها يـطلب ثـارا



مصادر البحث :


1. القرآن الكريم


2- فدك في التأريخ ، السيد محمد باقر الصدر ( قدس الله سره )


3- الأسرار الفاطمية ، محمد فاضل المسعودي .


4- محنة فاطمة بعد وفاة رسول الله ، عبد الله الناصر .


5- مقتل السيدة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ، عبد الرضا معاش .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق